هنا هنا تساؤلات خارج المحاضرات للاستفادة الكاملة من هذه التساؤلات يفضل قراءة المحاضرات أولاً، لأن الإجابة هنا غالباً مبنية على ما أشرنا إليه في المحاضرات.
(سؤال على كل أصحاح)
س1 :ذكرت في المحاضرات أن الكنائس السبع التي في أسيا تمثل رحلة الكنيسة كلها من البداية حتى النهاية. لماذا لم تعتبرها كنائس كانت موجودة في أيام كتابة سفر الرؤيا؟
ج :ممكن أن نذكر سبعة أدلة على ذلك :
1- أن السفر، كما نفهم من أوله، سفر نبوي (1 :3 قارن أيضاً 22 :7،10، 18،19). فهو ليس سفراً تعليمياً كالرسائل بل هو سفر نبوي . ثم إنه أيضاً سفر رمزي (كلمة «بيّنه» 1 :1 تعني أظهره بآيات)، وبالتإلى فمع أننا نعتقد أنه كانت هناك فعلاً سبع كنائس ظروفها تتناسب مع الوصف المذكور في تلك الخطابات (رؤ2،3) لكن ليس عن هذه الكنائس فقط يرد كلام الرب في هذين الأصحاحين، ولا هو القصد الأهم.
2- تقسيم السفر تقسيماً ثلاثياً من بدايته، وهو التقسيم الذي أشرنا إليه في أصحاح 1 :19 أعني به «ما رأيت وما هو كائن وما هو عتيد ان يكون بعد هذا».
فإن كان أصحاح1 من ع12 إلى آخر الأصحاح يحدثنا عن «ما رأيت» (انظر 1 :12)، وإن كان من أصحاح 4 يبدأ الحديث عن «ما هو عتيد أن يكون بعد هذا» (قارن 4 :1)، فلابد أن يكون أصحاح 2، 3 يحدثاننا عن «ما هو كائن»؛ أي كل فترة وجود الكنيسة على الأرض.
3- الرقم سبعة الذي يميز السفر كله هو رقم الكمال، ولهذا فاختار الروح القدس سبعة كنائس تماما ليصور لنا رحلة الكنيسة من بدايتها وحتى نهايتها؛ أي من يوم الخمسين وحتى اختطافها عن قريب.
4- نلاحظ أن هذه الكنائس ليست هي أكبر الكنائس في العصر الرسولي ، ولا هي أشهرها. بل إننا لا نعرف سوى كنيسة أفسس (الكنيسة الأولى ) والقليل عن كنيسة اللاودكيين (الكنيسة الأخيرة)، أما باقي الكنائس فلا نعرف أي شئ عنها. فلماذا اختار الروح القدس هذه الكنائس بالذات؟ السبب لأنها معا ترمز إلى شئ هام؛ أعني به رحلة الكنيسة على الأرض من البداية وحتى النهاية.
5- يذكر هنا أن ابن الإنسان في وسط المناير السبع. لماذا هو في وسط هذه المناير السبع بالذات دون غيرها؟ واضح إذاً أن هذه الكنائس ليست مقصودة لذاتها بل لما ترمز إليه، أي للكنيسة بصفة عامة.
6- لا يرد ذكر هذه الكنائس السبع بعد أصحاح 3 إلا في أصحاح22 :16، أي بعد أن انتهي من سرد ما لابد أن يكون بعد هذا، ليسلم عليهم التسليمات النهائية. هذا يؤكد أن هذه الكنائس السبع لم تذكر إلا لتمثل لنا الفترة الحاضرة.
7- عبارة «سر السبعة الكواكب والسبع المناير الذهبية» ما معنى سر هنا؟ لو كانت هذه الكنائس مقصودة لذاتها فما هو السر المقصود؟ السر أنها تشير إلى رحلة الكنيسة من البداية وحتى النهاية.
س2 :يرد ذكر الغالبين في كل واحدة من الرسائل السبع في رؤيا 2، 3، تري من هم أولئك الغالبون؟
ج :يظن البعض أن الغالبين هم فريق من المؤمنين، وأن هناك فريقاً آخر من المؤمنين مغلوبون. لكننا بتتبع ورود هذه الكلمة، لاسيما في كتابات الرسول يوحنا، نجد أنه دائماً يقصد بها كل المؤمنين. ففي الرسالة الأولى يشير الرسول يوحنا إلى الغلبة سبع مرات (1يو2 :13،14، 4 :4، 5 :4،5) فيقول عن الأحداث في عائلة الله مرتين إنهم غلبوا الشرير. كما يذكر عن المؤمنين جميعاً أنهم غالبون، ليس لشيء فيهم هم، بل «لأن الذي فيكم أعظم من الذي في العالم». كما يقول أيضاً «كل من ولد من الله يغلب العالم.. وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم إيماننا. من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله».
في الإنجيل أيضاً ترد إشارة إلى الغلبة فيقول الرب للتلاميذ «في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم» (يو16 :33). ومن هذا نفهم أننا لا ندخل المعركة مع العالم والشيطان لنحرز النصر، بل إننا ندخلها من موقع النصر، وذلك لأننا نتبع الغالب المنتصر. وعن هذا يقول الرسول بولس أيضاً «شكراً لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح» (1كو15 :57).
وفي سفر الرؤيا نجد ذات الفكر؛ فمثلاً في رؤيا 21 :7،8 نجد الرسول يقسم كل البشر إلى فريقين :الغالبين، وأولئك الذين سيكون نصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت. ثم إن بعض وعوده للغالبين في رؤيا 2، 3 لا يمكن إلا أن تنطبق على كل المؤمنين. على سبيل المثال «من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني » (2 :11). ونحن نعلم أن المؤمن الحقيقي لا يمكن أن يؤذيه الموت الثاني .
من كل ما سبق نفهم أن كل المؤمنين هم بمفهومٍ ما غالبون. ولو أنه نظراً لطابع المسئولية الذي يميز سفر الرؤيا، فإن التركيز في مواعيد الرب للكنائس هو على الغالبين أدبياً؛ أي الغالبين على روح الفشل الذي ظهر في الكنائس، والذي وبخه الرب في رسائله السبع إلى ملائكة هذه الكنائس.
س3 :ما معنى عبارة «من يغلب.. لن أمحو اسمه من سفر الحياة»؟ لقد اعتبر البعض أن هذه العبارة تفيد أن المؤمن الحقيقي قد يرتد، وعندها فإن الرب يمحو اسمه من سفر الحياة، فيهلك هذا الشخص. فما تعليقكم على هذا الفكر؟
ج :المؤمن الحقيقي الذي ولد من الله وغُسِّل بدم الحمل وسكن فيه روح الله القدوس لا يمكن أن يرتد ولا يمكن أن يهلك. ولأن هذا خارج موضوعنا، فإنني أكتفي بالإشارة إلى آية واحدة تؤكد ذلك هي يوحنا 10 :27-30
أما بالنسبة للآية موضوع السؤال فإن الرب فيها يلمح للمؤمن الأمين بما سيحدث في السماء بالمقابلة مع ما يحدث الآن في يوم البشر (1كو4 :3). ولتوضيح هذه الفكرة أقول إن هناك في خطابات الروح للسبع الكنائس ثلاثة وعود سلبية وردت في الرسالة إلى سميرنا وفي الرسالة إلى ساردس وفي الرسالة إلى فيلادلفيا.
بالنسبة لملاك كنيسة سميرنا يقول الرب له «من يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني » (2 :11).
وبالنسبة لملاك كنيسة ساردس يقول «من يغلب لن أمحو اسمه من سفر الحياة» (3 :5).
وبالنسبة لملاك كنيسة فيلادلفيا يقول «من يغلب.. لا يعود يخرج إلى خارج» (3 :12).
هذه الوعود الثلاثة السلبية تبرز قيمتها وأهميتها عندما نعرف الجو الذي اجتاز فيه المؤمنون في كل من هذه الكنائس الثلاث، ولا سيما من الناحية التطبيقية النبوية.
فكنيسة سميرنا هي الكنيسة التي تعرضت للاستشهاد لأجل المسيح، والرب يقول لملاك الكنيسة «لا تخف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به». ثم يقول له «كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة». لكنه يلمح للغالب أنه وإن كان الموت الأول قد آذاه هنا على الأرض، لكن الموت الثاني لا يمكن أن يؤذيه.
وبالنسبة لكنيسة فيلادلفيا، وهي كنيسة أمينة للرب احتملت الرفض مع المسيح لأنها لم تنكر اسمه وحفظت كلمة صبره، من ثم فإنها خرجت إليه خارج المحلة حاملة عاره. هذا ما حدث هنا على الأرض. لكن الرب يعد الغالب في هذه الكنيسة الأمينة أنه هناك لن يعود يخرج إلى خارج؛ أي سينهي الرب احتماله العار وإلى الأبد، وسيعطيه بدله الكرامة والمجد.
نفس هذا الفكر نجده في وعد الرب للغالب في كنيسة ساردس. إن أمانته قد تعرضه هنا إلى محو اسمه من سجلات الكنائس على الأرض، لكن ماذا بالنسبة للسجل الأكثر أهمية؟ يقول له الرب «لن أمحو اسمه من سفر الحياة»
فالمؤمن الأمين قد يؤذيه الموت الأول على الأرض، لكن لا يمكن أن يؤذيه الموت الثاني . والمؤمن قد يخرج خارج المحلة هنا على الأرض، لكنه هناك لن يعود يخرج إلى خارج. والمؤمن قد يمحى اسمه من السجلات في الكنائس هنا على الأرض، لكن الله يقول إنه لن يمحو اسمه من سفر الحياة.
س4 :من هم الشيوخ الوارد ذكرهم كثيراً في سفر الرؤيا؟
ج : الشيوخ الأربعة والعشرون يشيرون إلى جماعة المفديين السماويين. لقد اعتقد البعض أن الشيوخ هم طبقة راقية من الملائكة، لكن هذا الفكر غير صحيح، لأن كل الملائكة بما فيهم أسمي طبقاتهم لا يمكنهم أن يجلسوا في محضر الله، بينما يري الشيوخ في سفر الرؤيا جالسين (قارن إش6 :2، دا7 :10، لو1 :19، عب1 :13،14). ثم لأن يوحنا بصريح العبارة يميز الشيوخ عن جميع الملائكة (رؤ7 :11).
هؤلاء الأربعة والعشرون شيخا يذكروننا بعدد الفرق الكهنوتية التي رتبها داود في العهد القديم (أخ 24). لقد كان الكهنة في العهد القديم آلافا كثيرة لا يمكنهم أن يجتمعوا جميعاً معاً في مكان واحد. لكن عندما كان الأربعة والعشرون شيخاً يتقابلون معاً في أورشليم أو في الهيكل، فقد كان هذا معناه أن كل الكهنة ممثلون في هذا الاجتماع. هذا هو معنى الشيوخ الأربعة والعشرين في سفر الرؤيا؛ إنهم يمثلون كل الكهنوت السماوي . ويوحنا في الرؤيا لم ير ملايين القديسين، بل رأي فقط 24 شيخاً يمثلون تلك الجماهير التي لا نعرف عددها. الكل كهنة، والكل ساجد.
ونلاحظ أن الأربعة والعشرين شيخاً يرون دائماً باعتبارهم فريقاً واحداً، إلى أن نصل إلى عرس الخروف فلا نعود نقرأ بعد ذلك عن الشيوخ الأربعة والعشرين، بل نراهم ينقسمون إلى فريقين؛ فنقرأ عن امرأة الخروف (الكنيسة)، وعن المدعوين إلى عشاء عرس الخروف (مؤمني العهد القديم).
س5 :يرد في رؤيا 5 :8 عن الشيوخ أن «لهم كل واحد..جامات من ذهب مملوة بخورا هي صلوات القديسين». ما قوة هذه العبارة؟
ج :البخور رمز معروف حتى في العهد القديم لصلوات القديسين (مز141 :2). وهنا البخور في جامات الشيوخ يمثل صلوات القديسين؛ القديسين جميعا على مر الدهور.
والتعبير «صلوات القديسين» هو تعبير أوسع مدي من طلباتهم. إنه يشتمل على التشكرات والسجود، بالإضافة إلى توسلاتهم لله أن يقضي على الشر وينقذ الأرض من الشرير، ويحرر الأرض من لعنة الخطية وويلاتها. ولقد آن الأوان لتنال كل تلك الصلوات استجابة مجيدة.
كثيرون من القديسين خرجوا من العالم شهداء مسبحين الله، والله وقتها لم يتداخل لينقذهم من أعدائهم. وبدا وكأن صلواتهم لم تنل من الرب الاستجابة المرجوة. لكن ها أخيراً ستتبرر تسبيحاتهم، وتستجاب صلواتهم.
دعنا نلاحظ شيئاً مهما أن تلك الصلوات التي صلاها القديسون هنا على الأرض كانت من عمل روح الله في قلوبهم. إنها إذاً عمل الله فيهم، وما يعمله الله يبقي إلى الأبد (جا3 :14)، فلا عجب أننا في السماء نجد الشيوخ يمسكون الجامات التي بها تلك الصلوات. إنها لم تضع، ولا يمكن أن تضيع. هذا بالإضافة إلى أن هناك أتقياء سيكونون على الأرض في تلك الأثناء، سيواصلون تلك الصلوات عينها في فترة الضيقة. وهذه الصلوات القديمة، مع تلك الصلوات التي سيصليها مؤمنو الضيقة ستصعد في أنف الله كالبخور.
س6 :يلفت النظر أن الشهداء الذين يرد ذكرهم في رؤيا6 :10 يصرخون طالبين الانتقام لدمهم. فكيف يمكن التوفيق بين هذا التصرف وبين تعليم النعمة؛ أن نصلي لأجل الذين يسيئون إلينا ويطردوننا، وقدوتنا في ذلك المسيح الذي صلي لأجل أعدائه وهو على الصليب (لو23 :34)؟
ج :ذكرنا في المحاضرات أنه ببداية الأصحاح الرابع من سفر الرؤيا تري الكنيسة وقد اختطفت إلى السماء. وعليه فهؤلاء المصلون هنا ليسوا من مؤمني الكنيسة. فمن يكون هؤلاء الشهود والشهداء؟
إن صرختهم بطلب النقمة تدل على أنهم شعب أرضي ، وصرختهم «حتى متى ؟» تتفق في روحها ونغمتها مع الكثير من المزامير التي سيصليها الشعب الأرضي في الضيقة العظيمة (مز74 :9،10و 79 :5و 89 :46و 94 :3،4) كما أن طلبهم النقمة تتوافق مع مزامير الانتقام، وكل هذا يؤكد على أنهم يهود.
وشعب الله يتعلم من الروح القدس أن يصلي بحسب المبادئ التي بها يحكم الله العالم؛ ففي الوقت الحاضر، ونحن في زمن النعمة وفترة صبر المسيح، يصلي القديسون بمبادئ النعمة وبروح الصبر التي بها يتعامل الله مع العالم، فيصلي القديسون طالبين الغفران لمن يسئ إليهم بل وحتى لقاتليهم (أع7 :60). لكن بعد انتهاء فترة النعمة الحاضرة، لتبتدئ فترة النقمة التالية (إش61 :2، لو4 :19)، عندما يقوم الرب يسخط ليفعل فعله الغريب (إش28 :21) سيصلي القديسون بما يتوافق مع سياسة الرب في تلك الفترة، فيصلون طالبين النقمة من أعدائهم، معجلين الرب أن يسرع بالقضاء.
إن الرب في الفترة الحاضرة يسمي «إله كل نعمة» (1بط5 :10)، أما بعد الاختطاف فإنه سيكون إله كل نقمة، أو بلغة المزمور «إله النقمات» (مز94 :1). وعن طريق النعمة يخلص الله النفوس في الوقت الحاضر، وأناته على النفوس هي أسلوبه الحاضر للخلاص «احسبوا أناة ربناً خلاصاً» (2بط 3 :15)، وعن طريق خلاص نفوس الخطاة سيأتينا المسيح ونبلغ البركة معه. أما بعد اختطاف الكنيسة فإن الله سيخلص شعبه عن طريق إجراء القضاء والدينونة على أشرار الأرض (ملا 4 :1،2). والملكوت لن يأتي إلى الأرض إلا عن طريق الدينونة، فهم بدينونة وإبادة الأشرار سيبلغون بركتهم. ولهذا فإن نفوس أولئك الشهداء تطلب الدينونة والانتقام.
س7 :يلاحظ في سرد أسماء الأسباط أنه تم إسقاط اسم سبط دان من الفصل، فهل يمكن إلقاء الضوء على هذا الأمر؟
ج :نلاحظ أنه رغم حذف سبط دان لكن عدد الأسباط كما ورد في هذا الفصل هو 12 سبطاً، والرقم 12 هو رقم التنظيم الأرضي والحكم والسلطة. ومع أن عدد الأسباط، بعد أن أصبح ليوسف نصيبان، صار 13 إلا أنه دائماً يرد أنهم 12 نظرا للمدلول السابق ذكره لهذا الرقم. وعادة يحذف سبط لاوي ، لكن هنا حذف دان وأفرايم. واستعيض عن أفرايم بيوسف، وبتتبع تاريخ كل من أفرايم ودان نجد أن كليهما كان ضالعاً في الوثنية (قض 17، 18 و هو4 :17 و عا8 :14 و...). ولأن سفر الرؤيا هو سفر المسئولية فقد تم حذف اسميهما (انظر تث29 :18-21).
وحتى الرابيين اليهود يعتبرون سبط دان رمزاً للوثنية (انظر لا24 :11، قض18 :1،2، 30، 31و1مل12 :28-30) بل إن البعض يعتقد أن النبي الكذاب في المستقبل سيخرج من هذا السبط، وهذا الاستنتاج بني على ما ورد في تكوين 49 :17، 18 فبتطبيق نبوة يعقوب لأولاده على تاريخ الأمة وما سيصيبهم في آخر الأيام، نجد أن كلمات يعقوب عن دان تتضمن صرخة الأتقياء من ذلك الأفعوان، فيقولون للرب «لخلاصك انتظرت يارب».
لكن شكراً لله فإن النعمة في النهاية لابد أن تنتصر. وإن كانت المسئولية حذفت اسم سبط دان فإن النعمة ستعطيه نصيباً مع إخوته. ففي نبوة حزقيال عند تقسيم الأرض في الملك الألفي على الأسباط نجد اسم دان مذكوراً هناك كأول الأسماء (حز48).
س8 :من هم أولئك الساكنون على الأرض الذين سيكون الويل من نصيبهم بحسب نبوة هذا الأصحاح (رؤ8)؟
ج :استعمل تعبير «الساكنين على الأرض» في سفر الرؤيا مرات كثيرة، وأول مرة كانت في رؤيا 3 :10 في وعد الرب لملاك كنيسة فيلادلفيا «أنا أيضاً سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتي على العالم كله لتجرب الساكنين على الأرض». ومن هذا نفهم أن الساكنين على الأرض هم أشخاص يسيرون تماماً عكس روح ملاك كنيسة فيلادلفيا. إنهم أمثال قايين الذي خرج من لدن الرب وطلب أن يبني عالماً لنفسه بدون الله.
ونلاحظ أن المسيحيين لهم دعوة سماوية. ومع ذلك فاتجاه الديانة ينحو دائماً نحو تركيز فكر الإنسان فقط على الأرض، واحتقار الطابع السماوي للدعوة. وعندما تختطف الكنيسة للسماء، فإن الساكنين على الأرض سيصارعون لأجل تأسيس جنتهم الأرضية التي طالما حلموا بها. لكنهم - ويا لحسرتهم - سيقعون مباشرة تحت غضب الله.
س9 :الجراد المذكور في البوق الخامس؛ ألا يمكن أن يكون جرادا حرفياً؟
ج :هناك مبدأ تفسيري هام وهو أننا نأخذ معنى الكلام حرفياً طالما كان يتوافق مع باقي تعاليم الكتاب المقدس، وأما إذا استحال التوفيق بين المعنى الحرفي وباقي أجزاء الوحي فإننا نفسره رمزيا أو مجازيا بما يتوافق مع النبوة بصفة عامة. ونحن نعتقد فعلا أننا هنا لا يمكن أن نفسر الجراد بأنه جراد حرفي فلنا على ذلك أدلة متعددة، وهذا يتفق مع الأسلوب المجازي للسفر التي أشرنا إليها في الملاحظات الاستهلالية.
وأدلتنا على استحالة تفسير الجراد بأنه جراد حرفي ما يلي :
1- طابع القرينة؛ فالكلام هنا ليس حرفياً إذ يقول «كوكب سقط من السماء، ومعه مفتاح بئر الهاوية».
2- لا يقول الوحي إن الجراد خرج من البئر، بل من الدخان.
3- لا يتغذى هذا الجراد على عشب الأرض ولا أي شئ أخضر، مع أن الجراد الطبيعي هذا طعامه.
4- قيل له أن يضر الناس؛ ليس جميع الناس بل فقط الذين ليس ختم الله على جباههم.
5- عذابه كعذاب عقرب إذا لدغ إنساناً.
6- له شكل غريب «شكل خيل مهيأة للقتال...الخ» (ع7-10).
7- الجراد الحرفي ليس له ملك (أم 30 :27). أما هنا فالجراد له ملاك الهاوية ملك عليها. واسمه باليوناني وبالعبري يفيد أن الكلام ليس حرفياً بل مجازياَ. هذا الجراد هم صورة لأتباع النبي الكذاب الذين سينشرون تعاليم غريبة تسمم أفكار الناس، كما تفعل العقارب في بدن الإنسان.
س10 :هل يمكن أن تلقي مزيداً من الضوء على سر الله الذي سيتم متى بوَّق الملاك السابع، بحسب ما ورد في رؤيا 10 :7
ج :إن أعظم أسرار الحياة الحاضرة هو ما يسميه البعض صمت السماء مقتبسة من كتاب "الشيطان" للمؤلف، الفصل الرابع بعنوان "سر الله" . كيف يحتمل الله أن تسير الأمور بهذا الشكل؟ ما أعظم الإساءة المستمرة إلى الله؛ أن تسلم الأرض ليد الشرير (أي 9 :24) فيسودها الظلم والفساد بلا حواجز حسب الظاهر. هذا هو «سر الله».
«سر الله» إذا هو صمته الطويل، وعدم تدخله المباشر في أمور العالم، مما أدي إلى تهور الشر والبشر المستمر. سر الله هو السماح للشيطان، لنحو ستة آلاف عام، أن يلف أحابيله حول العالم، وأن يفسد سبل الله المستقيمة، وأن يصبح قديسو الله هدفاً مباشراً لأذاه. نعم أليس هذا لغزاً محيراً، أن يحتمل الله، إله البر والقداسة، كل هذه الشرور تمضي دون عقاب؟ ويسمح بأن يسحق شعبه بيد الشيطان وأعوانه كأنه غير مبال (حب1 :13)، أو كأنه قد ترك الأرض (حز8 :12)، أو كأنه لا يعلم (مز73 :11)، أو لا يري (حز8 :12)، أو لا يلاحظ (مز94 :7)، أو أنه نسي (مز10 :11)، أو لا يفعل شيئاً (صف1 :12)؟!
لكن المؤمنين لا يفكرون مثل هذه الأفكار، بل شعارهم «البار بإيمانه يحيا» (حب2 :4) «هنا صبر القديسين وإيمانهم» (رؤ13 :10). فهذا التشويش الحادث في العالم القصد منه امتحان إيماننا (1بط:7 و يع1 :23).
وعاقبة الرب آتية لا ريب. وعندما «تكمل أزمنة الأمم» (لو21 :24) سيتم سر الله. وبعد صبر الله الطويل سيسمع الصوت «لا يكون تباطؤ بعد». وبعد صمت السماء الجليل سيصمت الكل، ويرن الصوت «أما الرب ففي هيكل قدسه فاسكتي قدامه يا كل الأرض» (حب2 :20).
س11 :اختلفت آراء الشراح بخصوص الشاهدين المذكورين في رؤيا 11. تري ما هو الفكر الأكثر اعتدالاً بحسب وجهة نظرك بخصوصهما؟
ج : فعلا يعتبر الشاهدان في رؤيا 11 من أكثر الجزئيات التي اختلف في شأنهما الشراح مستقيمي العقيدة بالنسبة لسفر الرؤيا. فمنهم من اعتبرهما شخصين حرفيين، ومنهم من اعتبرهما مجرد شخصين رمزيين لمجموعة كبيرة من الشهود للرب في فترة الضيقة العظمي . وأما من اعتبروهما شخصين فإنهما لم يتفقا معاً في من هما :فهناك من قال عنهما إنهما أخنوخ وإيليا، وآخرون قالوا إنهما موسى وإيليا.
ونحن نستبعد أن يكون أحدهما أخنوخ، على اعتبار أن أخنوخ مع إيليا لم يموتا، ذلك لأن أخنوخ نقل لكي لا يري الموت (عب11 :5)، بينما هذان الشاهدان سيقتلهما الوحش الصاعد من الهاوية. كما نستبعد أن يكون أحدهما موسى لأن موسى مات قبل ذلك ولا نعتقد أن هناك إمكانية أو معنى أن يموت الشخص مرتين. هذا بالإضافة إلى أنه لا يوجد في كل الكتاب وعد بأن الله سيرسل موسى مرة أخري للعالم. ولا نعتقد أيضاً أن الرب سيرسل إيليا شخصياً، بل كما سبق فأرسل يوحنا المعمدان قبل مجيء المسيح الأول بروح إيليا وقوته (لو1 :17)، كقول المسيح لليهود «إن أردتتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي » (مت11 :14)، هكذا هنا أيضاً.
بل إننا لا نعتقد أنهما رجلان حرفيان، فلو كانا هما اثنين فقط لما لزم أن الوحش يعمل معهما حرباً. بل إننا نعتقد أنه كما أن الأربعة والعشرين شيخاً هم عدد رمزي كما سبق أن أوضحنا في السؤال الرابع، كذلك هذان الشاهدان هنا.
صحيح يقول "داربي " ربما يكون هناك شاهدان لهما وضع خاص في تلك الفترة، لكن الفكر هنا هو الشهادة الكافية لإسرائيل. ومعروف أن الرقم 2 هو رقم الشهادة الكافية لا الشهادة الوافرة (قارن مع زكريا4 :3، 11-14). لكن رغم أنها شهادة كافية، إلا أن إسرائيل سترفض الشهادة وتقتل الشهود كما فعلوا قبل ذلك مع استفانوس، فلا يبقي أمامهم سوي الدينونة المرعبة.
س12 :المرأة والابن الذكر من المسائل التي كثر فيها الجدل. فهل يمكن أن توضح لنا بحسب رأيك ما المقصود منهما.
ج :لقد اعتبر البعض أن المرأة هي الكنيسة، وأن الابن الذكر هم الغالبون. لكن أين في الكتاب المقدس نجد ان الكنيسة تلد المؤمنين الغالبين؟ ولماذا ترتبط الآلام بمولد الغالبين من المؤمنين دون غيرهم؟ وأين في الكتاب نجد ما يدعم فكرة الغالبين والمغلوبين في المؤمنين (انظر إجابة السؤال الثاني ).
واعتبر البعض أن المرأة هي المطوبة مريم. لكن هذا الفكر ردئ جداً. لأن مولد الابن الذكر في هذا الفصل ارتبط بالتوجع والآلام في المخاض. وبحسب تكوين 3 :16 نفهم أن أوجاع المخاض جاءت للمرأة نتيجة الخطية. وحيث أن المسيح في مولده لم يكن له أدني علاقة بالخطية، فهو قدوس وحبل به بلا خطية أو شر، فإننا نرفض هذا الفكر تماماً.
إننا نعتقد أن المرأة هي الأمة الإسرائيلية وذلك للأسباب الآتية :
1- القرينة تؤكد ذلك. فالأصحاح السابق كان يذخر بالكلام عن إسرائيل وهيكلها وعن المدينة أورشليم حيث صلب الرب يسوع. ثم الإشارة إلى تابوت العهد؛ وكأنه يذكرنا بأن المسيح باق على عهده مع هذا الشعب.
2- إن حلم يوسف الثاني في تكوين 37 يؤكد هذا الفكر. والرقم 12 (اثني عشر كوكباً) هو رقم السلطة والأرض، وهو مرتبط في الكتاب أكثر بهذا الشعب الأرضي .
3- الكنيسة يقال عنها إنها عذراء عفيفة، أما المرأة في النبوات فهي إسرائيل (قارن إش54 :6، 26 :18، إر4 :31، مي 5 :2،3). والابن الذكر هو المسيا، كما سنوضح بعد قليل.
4- البرية هي مكان لجوء إسرائيل في المستقبل (قارن حز20 :35، 36 و هو2 :14-23).
5- يقال عن إسرائيل «منهم المسيح حسب الجسد» (رو9 :5). فالقول إذا أن المرأة التي ولدت الابن الذكر هي إسرائيل ليس بعيداً عن فكر الكتاب.
6- فترة الألف والمائتين والستين يوماً هي بعينها فترة الثلاث السنين والنصف، أي نصف الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال، وهي تلك الأسابيع التي قضيت على مدينة دانيال وعلي شعبه (انظر دانيال 9 :24-27).
7- الإشارة هنا إلى ميخائيل يؤكد على هذا الفكر، فرئيس الملائكة ميخائيل كما نعلم من دانيال 12 :1 هو المختص بشئون إسرائيل.
أما الابن الذكر فهو بكل يقين «نسل المرأة» المتنبأ عنه في الجنة، الذي سيسحق رأس الحية. وهذا هو سر عداء الحية ضد المرأة. ويقول هنا عن هذا الابن الذكر إنه عتيد أن يرعى الأمم بعصاً من حديد، وهذا الكلام ينطبق بكل وضوح على المسيح (قارن مز2 :6).
والعلاقة وثيقة بين هذا المشهد هنا وبين تكوين 3 فبمجرد الإشارة إلى الحية القديمة ترد الإشارة أيضاً إلى المرأة ونسلها، ذلك النسل (بالمفرد - قارن غل3 :16) هو نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية. مع هذا الفارق أن سفر التكوين يسجل لنا بدء ظهور ذلك العدو المفسد لطرق الله المستقيمة والنبوة عن إبادته وسحق رأسه، وهنا في سفر الرؤيا نجد هزيمته وإبادته فعلاً بواسطة الابن الذكر. لأنه بينما سفر التكوين هو سفر البدايات، فإن سفر الرؤيا هو سفر النهايات.
س13 : نقرأ في هذا الفصل عن وحشين؛ هما المذكوران في ما بعد في سفر الرؤيا بأنهما الوحش والنبي الكذاب. لكن الشراح اختلفوا كثيراً في من فيهما هو ضد المسيح؛ فالبعض اعتبر أن ضد المسيح هو الوحش الروماني والبعض الآخر اعتبره الوحش اليهودي . فما رأيك في هذا؟
ج :نعم لاحظت هذا الاختلاف بين جماهير المفسرين، لكني لاحظت أيضاً أن شراح الإخوة جميعاً متفقون على اعتبار أن ضد المسيح هو النبي الكذاب. ولعل سر الصعوبة يرجع إلى قلة ما ذكر عن شخصية ضد المسيح. فلم يشر إليه سوي يوحنا فقط في رسالتيه الأولى والثانية، فيقول مثلاً «سمعتم أن ضد المسيح يأتي . قد صار الآن أضداد للمسيح كثيرون... من هو الكذاب إلا الذي ينكر أن يسوع هو المسيح. هذا هو ضد المسيح الذي ينكر الآب والابن» (1يو2 :18-22). ومن هذا الشاهد ألاحظ الآتي
1- طابع شر هذه الشخصية كما ذُكرت في الآيات عليه هو طابع ديني لا سياسي «ينكر أن يسوع هو المسيح، وينكر الآب والابن» ففي ارتداده اليهودي ينكر أن يسوع هو المسيح، وفي ارتداده المسيحي ينكر الآب والابن. ومعروف أن الوحش الروماني هو شخصية سياسية عسكرية، أما الوحش اليهودي فهو بالأكثر شخصية دينية.
2- أن ضد المسيح هنا يسمى الكذاب. لعله بذلك يذكرنا أكثر بالنبي الكذاب.
3- أن ضد المسيح يذكرنا بمن قال عنه المسيح نفسه كما سجل يوحنا ذلك في إنجيله «أنا قد أتيت باسم أبي ولستم تقبلونني ، إن أتي آخر باسم نفسه فذلك تقبلونه» (يو5 :43). وذاك الآتي باسم نفسه الذي سيقبله اليهود هو الوحش اليهودي ، أي النبي الكذاب.
4- عبارة «ضد المسيح» كما يقول العارفون باليونانية تفيد أنه ضده، كما تفيد أنه يقلده. وبمراجعة صفات النبي الكذاب؛ أي الوحش اليهودي ، نجد أنه ينطبق عليه الوصفان السابقان سواء باعتباره ضد المسيح وأيضاً باعتباره مقلده.
ضد المسيح
شبه خروف (13 :11)
«إنسان من الأرض» (مز10 :18)
وحشاً طالعاً من الأرض» (13 :11)«
«المرتفع على كل ما يدعي إلهاً» (2تس2 :4)
«يفعل الملك كإرادته» (دا11 :36)
«إن أتي آخر باسم نفسه» (يو5 :43)
«ابن الهلاك» (2تس2 :3)
«مجيئه بعمل الشيطان بكل قوة
وبآيات وعجائب كاذبة» (2تس2 :9)
«غصن أشنع» (إش14 :19)
«الأثيم» (2تس2 :8)
«النجس الشرير» (حز21 :25)
«الكذاب» (1يو2 :22)
«الكذب» (2تس2 :11)
«الراعي الباطل التارك الغنم» (زك11 :17)
«سر الإثم» (2تس2 :7)
«يتكلم كتنين» (13 :11)
سيسود ويفسد 3.5 سنة
بعد انتهاء فساده سيطرح حياً إلى بحيرة النار (رؤ19 :20)
من يسمع كلامه ويسجد لتمثال الوحش الذي سيكرمه فله عذاب أبدي
(رؤ14 :9-11)
|
المسيح
خروف (28 مرة في سفر الرؤيا)
«الرب من السماء» (1كو15 :47)
«الذي نزل من السماء» (يو3 :13)
«كإنسان وضع نفسه» (في 2 :8)
«نزلت. .ليس لأعمل مشيئتي » (يو6 :38)
«أنا أتيت باسم أبي » (يو5 :43)
«إني ابن الله» (يو10 :36)
«تبرهن لكم من قبل الله بقوات
وعجائب وآيات» (أع2 :22)
«غصن» (إش11 :1)
«البار» (أع3 :14) - 7 مرات في العهد الجديد
«القدوس» (أع3 :14)
«الصادق» (رؤ3 :14)
«الحق» (2تس2 :11)
«الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف» (يو10 :11)
«سر التقوي » (1تي 3 :16)
«انسكبت النعمة على شفتيه» (مز45 :2)
خدم 3.5 سنة
بعد انتهاء خدمته ارتفع فوق جميع السماوات (أع1 :2،9،11، 22, 2 :33،...)
قال «من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية ..» (يو5 :24)
|
لهذا كله فإننا نعتقد مما تقدم أن ضد المسيح هو الوحش الطالع من الأرض؛ أي النبي الكذاب.
س 14 :هل لك أن توضح ما هي تلك البشارة الأبدية المشار إليها في ع6، وهل لها أية علاقة بالبشارة التي نحن نذيعها الآن؟
ج :نقرأ في العهد الجديد عن بشارة الملكوت وهي تلك التي بدأت بكرازة يوحنا المعمدان وواصلها المسيح وتلاميذه إلى أن رفض الشعب ملكهم، فتأجلت تلك البشارة، وستتصل بعد اختطاف الكنيسة بواسطة البقية التقية؛ إخوة الرب الأصاغر.
كما نقرأ أيضاً عن بشارة نعمة الله وهي تلك البشارة الغنية التي تكفي لقبول أي خاطئ مهما كان شره من مجرد نعمة الله المجانية والغنية. وتستمر هذه البشارة طوال فترة وجود الكنيسة على الأرض، حتى يتم ارتفاعها إلى السماء.
أما البشارة الأبدية فهي تلك البشارة غير المرتبطة بالزمان أو التدابير، لأنها مرتبطة بإعلان الله كالخالق.
وليست هذه البشارة أبدية لأنها مرتبطة بالسعادة الأبدية كما قد يفتكر البعض، بالعكس هي تحمل التهديد بالدينونة للمستبيحين.
بل هي بشارة أبدية لأنها كانت وستظل دائماً صادقة، كيفما كانت طرق الله في تعامله مع البشر. إنها ليست مختصة بجيل معين، بل بكل زمن؛ أن يخافوا الله وأن يمجدوه كالخالق. إنها مختصة بنسل المرأة الذي يسحق رأس الحية. وكم هو جميل أنه بالارتباط باقتراب موعد ملك المسيح الألفي على الأرض تذاع هذه البشارة.
س15 :لأول مرة نقرأ في سفر الرؤيا عن هيكل خيمة الشهادة في السماء بالارتباط بدينونة الجامات، فهل لذلك من مدلول روحي أو أدبي معين؟
ج :يقول المرنم في مزمور29 :9 «في هيكله الكل قائل مجد». فالهيكل إذا مجال استعراض مجد الله. ولقد كان الهيكل قديماً شاهداً على نعمة الله، الذي وجد طريقا لقبول الإنسان الخاطئ. أما هنا فإن الهيكل قد فتح للدينونة.
إذا فنحن هنا، وإن كنا أمام مشهد مجد الله، لكننا لا نشاهد مجد الله المرتبط بالنعمة في الخلاص، بل المرتبط بالبر في القضاء. وإن كان الله في فترة النعمة الحاضرة يعلن غني نعمته، بل ومجد نعمته (أف1 :6،7) لكن عن قريب، إذ يولي زمان النعمة ويبدأ يوم الانتقام، فلابد أن يظهر الله مجده في مجال آخر، ألا وهو القضاء والدينونة، تلك الدينونة التي يستحقها الإنسان في شره، ويتطلبها الله في قداسته!
وسواء في الخلاص أو في القضاء نري الله المجيد (قارن رو9 :22،23)، ولهذا كان من المناسب أن يرد ذكر الهيكل هنا. لكن لعله ملفت للنظر أن المشهد في الهيكل هنا لا يتضمن الإشارة إلى الكهنة بل إلى الملائكة، وذلك لأن الكهنة هم خدام النعمة، أما الملائكة فهم خدام الدينونة والقضاء.
وكما كان يسكب السكيب قديما على الذبائح المخصصة للإيقاد كيما تتصاعد منها رائحة السرور لقلب الله، هكذا هنا أيضاً سكبت جامات الغضب على العالم المكرس للهلاك في نيران الغضب الإلهي ، فكانت النتيجة أن امتلأ الهيكل لا من سحابة البخور العطر، بل دخان من مجد الله ومن قدرته (ع8)
س16 :«ها أنا آتي كلص. طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه لئلا يمشي عرياناً فيروا عريته» (رؤ16 :15). لمن يوجه الرب هذا النداء؟ وما قوته؟
ج :وردت هذه العبارة ضمن الكلام الاعتراضي بين الجام السادس والسابع. ولعلنا نذكر أن هناك بين الختم السادس والختم السابع كلاماً اعتراضياً، وكذلك بين البوق السادس والسابع كلاماً اعتراضياً آخر. وهنا أيضاً نجد نفس الشيء بين الجام السادس والسابع، مما يدل على ترتيب السفر البديع. ونلاحظ أن هذا الكلام الاعتراضي هو أصغر الأقوال الاعتراضية في السفر، ففي كلمات قليلة يؤكد الرب للعالم الغافل سرعة مجيئه. ولكننا كما نعرف لن يتنبه العالم لهذا النداء.
والكلام هنا هو عن معركة هرمجدون؛ المعركة التي كثر الحديث عنها حتى على صفحات الجرائد. وهي معركة رهيبة فيها ستتجمع كل جيوش العالم، ومعها ستصبح «عاصفة الصحراء» كلعبة الأطفال أمام رعب تلك المعركة. لكن الرب يعلن أنه لن يقف متفرجاً على تلك المعركة، بل إنه سيأتي بنفسه (والإشارة هنا إلى ظهور المسيح)، ويحسم المعركة كما يريدها هو. وهذا هو مدلول العبارة «ها أنا آتي كلص».
أما القول «طوبى لمن يسهر ويحفظ ثيابه» فهو تشبيه مأخوذ من الحياة العسكرية، إذ كان الضابط النوبتجي يفاجئ الجندي بتفتيش أثناء نوبة حراسته. فإذا وجده نائماً وثيابه بجواره كان يأخذها ويترك الجندي بدون ملابسه لخزيه وخجله. والتحذير هنا موجه إلى البقية التقية من الشعب الأرضي ، فهم وحدهم الذين سيكونون ساهرين في ذلك الزمان، وهم أنفسهم الذين يوجه الرب إليهم كلاماً مشابهاً في لوقا 21 :34-36. ونلاحظ أنه في هذه الآية يرد آخر ذكر لكلمة السهر في الكتاب المقدس، ويقرنها الرب بالقول «طوبى ». وليتنا نحن أيضاً نأخذ هذا التطويب لنا ونحيا ساهرين منتظرين مجيء المسيح.
س17 :يعتقد البعض أن بابل المدينة التي في سهول شنعار سيعاد بناؤها ثانية لكي تدمر إلى الأبد إتماماً لما ورد في سفر الرؤيا، ويشيرون في ذلك إلى عزم صدام حسين على إعادة بناء هذه المدينة الأثرية. فما مدى صحة هذا الزعم.
ج :فعلاً حاول صدام حسين أن يبني مدينة بابل، لكن مشروعه هذا تعثر نظراً لحرب الخليج ثم حرب الكويت ثم عاصفة الصحراء. واعتقادنا أن مدينة بابل هذه التي دمرت تماماً لن يعاد بناؤها، إتماماً لقول الكتاب (إش13). أما بابل المشار إليها في رؤيا 17 فليست هي بابل التاريخية الحرفية، بل هي روما المسيحية، ودليلنا على ذلك دليل ثلاثي :
1- قول الرائي في ع 5 «وعلى جبهتها اسم مكتوب، سر؛ بابل العظيمة أم الزواني ورجاسات الأرض». فهي ليست بابل الحرفية لأنه يقول عنها إنها سر.
2- قول الرائي في ع 9 السبعة الرؤوس هي سبعة جبال عليها المرأة جالسة يشار إلى جلوس المرأة في هذا الفصل ثلاث مرات :
في ع1 جالسة على المياه الكثيرة (انظرع15)
وفي ع3 امراة جالسة على وحش قرمزي . أي مسيطرة عليه، ومدعومة به.
وفي ع9 سبعة جبال عليها المرأة جالسة
في الإشارة الأولى نجد نفوذها الجماهيري ، وفي الثانية نفوذها السياسي ، وفي الثالثة موقعها الجغرافي . . ونحن نعرف أن مدينة بابل كانت مبنية في سهول شنعار، أما المدينة المبنية على السبعة الجبال فهي مدينة روما.
3- قول الرائي في ع18 المرأة التي رأيت هي المدينة التي لها ملك على ملوك الأرض. ونحن لا نجد في كل التاريخ مدينة كان لها سلطان على الملوك مثل ما نجد لمدينة روما.
س18 :«لأن تجارك كانوا عظماء الأرض». كيف يمكن أن نفهمم هذه العبارة؟ وما الخطأ في التجارة وفي العظمة؟
ج :هذه العبارة وردت بالارتباط بدينونة بابل، تلك الدينونة المروعة التي سيوقعها الله عليهم. وتذكر ضمن عبارات ثلاث بمثابة حيثيات القضاء عليها. فيقول الملاك بعد النطق بالقضاء على بابل «لأن تجارك كانوا عظماء الأرض، إذ بسحرك ضلت جميع الأمم، وفيها وجد دم أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الأرض».
هذه هي خطايا بابل الرئيسية الثلاث :التجارة والسحر والقتل. ونلاحظ أن تجارتهم الخاسرة هي من نوع التجارة التي ذكرت بالارتباط بسقطة الشيطان «بكثرة تجارتك ملأوا جوفك ظلماً فأخطأت» (حز28 :16). هذا التعبير بالنسبة للشيطان أو لبابل يفيد الغش والتدليس وأساليب الدعاية المتقنة للترويج لأفكارهما المضللة. لا يوجد غشاش مخادع في كل الكون نظير الشيطان، ولا يوجد نظام ملئ بالغش والخداع نظير بابل؛ رمز الديانة. ما أبعد كليهما عن التاجر الذي يطلب لآلئ حسنة، من ثم افتقر ليمتلك تلك اللؤلؤة (مت13 :45، 46)؛ إنه ربنا يسوع المسيح الذي ضحى بكل شيء ليخلص الكنيسة، وعلم رسله قائلاً «مجاناً أخذتم، مجاناً أعطوا» (مت10 :8). «مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ» (أع20 :35).
أما السحر الذي به أضلت جميع الأمم فإن الكلمة اليونانية التي ترجمت "سحر" هي كلمة pharmakia المستخدمة الآن في علم العقاقير. إنها خلطة وتوليفية لكن لا لشفاء الناس بل لتسميمهم.
وأخيراً القتل؛ لقد قتلت بابل روحياً وأدبياً نفوس البلايين الذين تبعوها، كما قتلت فعلياً أجساد الملايين الذين تبعوا المسيح. وهذا معنى القول «فيها وجد دم أنبياء وقديسين وجميع من قتل على الأرض».
هذه هي إذا الملامح الرئيسية لبابل :الاتجار بالأمور الروحية، وتضليل النفوس، وقتل المعارضين. وهي في توافق كامل مع ما سبق أن أنبأ به الرسول بطرس قائلاً «سيكون فيكم أيضاً معلمون كذبة؛ الذين يدسون بدع هلاك، وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكاً سريعاً، وسيتبع كثيرون تهلكاتهم. الذين بسببهم يجدف على طريق الحق، وهم في الطمع يتجرون بكم بأقوال مصنعة، الذين دينونتهم منذ القديم لا تتواني وهلاكهم لا ينعس» (2بط2 :1-3).
س19 :عندما يقول في رؤيا 19 :7 إن امرأة الخروف هيأت نفسها. ما هو هذا التهيئ؟ وكيف هيأت الكنيسة نفسها مع أنها كانت مع الرب من سنوات مضت؟
ج :واضح أن الوحي هنا لا يتكلم عن مبدأ القبول الأبدي الإلهي ، فنحن مقبولون في المسيح من لحظة إيماننا وليس فقط من لحظة اختطافنا، كقول الرسول بولس «شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور، الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته» (كو1 :12،13).
نحن من لحظة أن أتينا إلى الله بالتوبة والإيمان قد لبسنا الحلة الأولى ، وهذه الحلة الأولى هي شخص المسيح نفسه. وواضح أن هذه الحلة الأولى (شخص المسيح) لا تحتاج إلى تبييض. وهكذا نحن من الآن في المسيح كالمسيح (1يو4 :17). أما أعمالنا فإنها بالقطع تحتاج إلى تبييض. لذلك يحدثنا هنا عن أعمالنا، فلا يقول بر القديسين، بل تبررات القديسين؛ أي أعمال البر التي عملوها.
وعبارة «أعطيت أن تلبس بزاً نقياً بهياً لأن البز هو تبررات القديسين» يري فيها الكثير من الشراح أنها تشير إلى وقوفنا أمام كرسي المسيح لننال ما كناه بالجسد بحسب ما صنعنا. وعليه فوقفتنا أمام كرسي المسيح ستسبق مباشرة حفل عرس الحمل.
س20 :هل الملك الألفي هو ألف سنة حرفية أم يمكن أن نفهم منه شيئاً بخلاف ذلك استناداً على قول الرسول بطرس إن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيوم واحد؟
ج :هناك فعلاً من يعتقد أن فترة الألف السنة ليست ألف سنة حرفية، بل يعتبرونها صورة ودلالة على طول الزمن. ويستندون في ذلك على بعض الآيات مثل «كيف يطرد واحد ألفاً» (تث32 :30)، أو «لا يجيبه عن واحد من ألف» (أي 9 :3)، أو «لأن ألف سنة في عينيك مثل يوم أمس بعدما عبر، وكهزيع من الليل» (مز90 :4)، أو «الألف لك يا سليمان» (نش8 :12). وفعلاً الألف في الآيات السابقة تمثل الوفرة والكثرة. لكن ليس كذلك بالنسبة للآيات الخاصة بالملك الألفي . حيث أنها لم ترد مرة واحدة، بل وردت ست مرات في ست آيات متتالية في فصل واحد، ومن هذه المرات الست ثلاث مرات بألف لام التعريف انظر كتاب "الملك الألفي " للمؤلف - تحت الطبع. .
أما الآية المذكورة في 2بطرس 3 :8 «لكن لا يخف عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء أن يوماً واحداً عند الرب كألف سنة وألف سنة كيوم واحد» فهي كثيراً ما أسئ فهمها. فهي لا تعني أن الرب متى قال ألف سنة فهذا يعني يوماً واحداً، ولا أنه إذا قال يوماً فهو يقصد ألف سنة. بل إن قوة العبارة أن مقاييس البشر مختلفة عن مقاييس الله. فألف سنة في نظر البشر وهي طبعاً فترة كبيرة جداً بالنسبة للإنسان الذي يعيش حياته سبعين سنة وإن كانت مع القوة فثمانين، هي في نظر الله الأزلي الأبدي كيوم واحد، بل وبلغة موسى في المزمور كهزيع من الليل. كما أن يوماً واحداً عند البشر وهي فترة طبعاً قصيرة للغاية، هي في نظر الله الذي لا حدود للمسافات عنده ويقول للشيء كن فيكون، هي فترة طويلة جداً. لذلك يقول الرسول بطرس «أن يوماً واحداً عند الرب» ويقول موسى «لأن ألف سنة في عينيك» فهذا التقدير هو عند الرب وفي عينيه. لكن عندما يكتب الله لنا في الكتاب أن متوشالح مثلاً عاش 969 سنة فهو لا يعني أنه عاش يوماً واحداً. فألف سنة عند الله كيوم واحد لكن عندنا الألف السنة هي ألف سنة لا أكثر ولا أقل.
في سفر الرؤيا العديد من التواريخ نحن نأخذها كلها حرفية ولنا الأدلة الكثيرة على ذلك؛ مثل الزمان والزمانين ونصف الزمان، وهي فترة ذكرت بالسنين وبالشهور وبالأيام. وكما نأخذ هذه التواريخ حرفية، هكذا أيضاً فترة الألف السنة.
ومما يذكر أن القديس أغسطينوس وهو الذي روج لفكرة روحنة الملك الألفي ، كان يؤمن بأن الألف السنة هي ألف سنة حرفية. فلقد كان يعتقد أن البشرية ستستمر ستة آلاف سنة لتبدأ بعدها الأبدية. وكان هو يتبع التقويم السبعيني ، فاعتبر أن الألف السادسة بدأت بميلاد المسيح، وأن نهاية الزمان ستكون سنة ألف ميلادية. وكان هذا هو رأي المفسرين من بعد أغسطينوس، ولم يحدث اختلاف على هذا إلا بعد مرور السنة الألف.
س21 :لماذا اعتبرت رؤيا 21 :9 رجوعاً إلى الوراء لوصف حالة المدينة السماوية؛ أورشليم المقدسة، في فترة الملك الألفي ، وليس امتداداً لوصف الحالة الأبدية التي تحدث عنها الرائي في الأعداد الأولى من رؤيا 21؟
ج :هناك على الأقل سبعة أدلة على ذلك :
1- موضوع النبوة :فليست الأبدية هي موضوع النبوة ولا هي تدخل في نطاقها، بل إن موضوع النبوة هو الملك. أما الأبدية فتخرج من نطاق معلنات النبوة ومجالها. لذا فلا عجب أنه بعد حديث مقتضب عن الأبدية يعود الرائي إلى موضوع الملك، الموضوع الأساسي بالنسبة للنبوة.
2- ملائكة الجامات :يؤكد ذلك أن الذي أعلن هذه الرؤيا ليوحنا هو واحد من السبعة الملائكة الذين معهم السبعة الجامات المملوة من السبع الضربات الأخيرة. فكما أن واحداً من هؤلاء الملائكة أعلن دينونة بابل هكذا واحد منهم أعلن المدينة السماوية في الملك الألفي ، لكن ما دخل الملائكة بمعلنات الأبدية؟
3- أسماء الله :في هذا الجزء يذكر لنا الرب الإله القادر على كل شيء، وأيضاً الخروف. هذا كله يتناسب مع الملك الألفي ، أما في الأبدية؛ يوم الله، فسيكون الله هو الكل في الكل (1كو 15 :28)، ويتم قول الرائي «هوذا مسكن الله مع الناس» (رؤ21 :3).
4- شفاء الأمم :ذكر شفاء الأمم هنا (22 :2) يدل على أن نتائج الخطية ما زالت موجودة، وإن كان مسيطراً عليها. وهذا يتناسب مع الملك الألفي لا الأبدية، حيث في الأبدية ستزول نهائياً كل آثار الخطية ونتائجها.
5- الأمم وإسرائيل :هذا أيضاً يؤكد أننا لا زلنا في الملك الألفي ، ففي الملك الألفي سيكون هناك إسرائيل، وبالتالي هناك الأمم. أما في الأبدية فلا يوجد سوي الله والناس «هوذا مسكن الله مع الناس» فالفوارق بين البشر؛ كيهود وأمم ستكون في الملك الألفي ، لكنها ستزول في الأبدية. ولن يكون مميزا في الأبدية سوى الكنيسة باعتبارها مسكن الله.
6- الملوك والحكومات :في الملك الألفي سيكون هناك ملوك وستكون هناك حكومات، وذلك لأن الشر سيكون موجوداً ولو أنه لن يسمح له بالظهور. أما في الأبدية فلا وجود للشر، وبالتالي لا احتياج للحكومات. لقد كانت الحكومات البشرية تدبيراً من التدابير، وبالتالي فإنها تتناسب مع الزمان لا مع الأبدية. بل إن نفس المسيح في الأبدية سيسلم الملك لله الآب، «لكي يكون الله الكل في الكل». ويرتبط بهذا الأمر ذكر الرقم 12 وهو رقم السلطة والحكم (قارن مت19 :28)، حيث يذكر في هذا الجزء 7 مرات (كما ذكرنا في المحاضرات). وكما نعلم فإنه في الأبدية سيسكن البر وليس فقط سيملك (2بط3 :13).
7- الشهور :عندما يقول عن شجرة الحياة إنها تصنع كل شهر ثمرها، فهذا دليل على أننا لا زلنا في فترة الزمان، حيث في الأبدية سينتهي الزمن، ولن يكون هناك شهور ولا سنون بعد.
س22 :هل من مدلول خاص أن يختم سفر الرؤيا بالإشارة إلى شجرة الحياة أكثر من مرة؟
ج : لقد ذكرت «شجرة الحياة» في الأصحاح الأخير من سفر الرؤيا ثلاث مرات، حيث أن ع19 يقرأ «شجرة الحياة انظر الكتاب المشوهد والترجمة التفسيرية.»، وليس «سفر الحياة».
وهو بلا شك أمر مجيد وذو دلالة أن لا يختم الكتاب المقدس بشجرتين، كما قرأنا في بدايته في تكوين 2، بل بشجرة واحدة هي شجرة الحياة. أما الشجرة التي جلب الأكل من ثمرها الموت واللعنة فقد ذبلت وذوت في الصليب، وشجرة الحياة هي بلا شك رمز للمسيح في المجد؛ حياة المفديين، لا كمن يهبهم الحياة، بل كمن يسعد تلك الحياة وينعشها.
لن يكون المسيح في المجد كالمن؛ طعام البرية الذي يسند المسافر، ولا حتى كشجرة التفاح طعام فترة الخطبة، الذي يسند قلب المشتاق المحب. بل سيكون لنا كشجرة الحياة؛ متعة الحياة في معناها الصحيح. هناك سيكون الطريق مفتوحا إلى شجرة الحياة، فلا كروبيم ولا سيف لهيب متقلب. بل سيكون لنا أن نشرب من نهر الحياة (الروح القدس) ونأكل من شجرة الحياة (المسيح).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق