الثلاثاء، 28 فبراير 2012

ما هو الوحي؟
فهمنا من الفصل الأول أن الكتاب المقدس هو إعلان الله، وأنه الإعلان الوحيد الذى منه حصلنا على المعلومات الإلهية، وبدونه ما كنا نعرف أي شـئ عن خلاص النفس ولا عن الأبدية ولا عن الله. ولقد أصاب واحد عندما قال إن فلاحاً بسيطاً يقرأ الكتاب المقدس وهو سائر خلف محراثه يستطيع أن يعرف عن الله أكثر مما يعرف العالم فى مختبره، أو حتى أستاذ اللاهوت إذا كان ينكر وحي الكتاب المقدس.
الكتاب المقدس هو وحي الله. ومع أن تعبير «وحي الكتاب المقدس» ليس تعبيراً كتابياً بحصر اللفظ؛ إلا أن مضمونه واضح كل الوضـوح في الكتاب المقدس كله. ولقد نشأ هذا التعبير من قول الرسول بولس « كـل الكتاب هو موحى به من الله » (2 تي 3: 16). هذه الكلمة «موحى به من الله » لم ترد سوى فى هذا النص، لكن هذه المرة الفريدة، مليئة بالمعاني الغنية والمباركة. فهي باليونانية؛ لغة العهد الجديد الأصلية «ثيوبنوستوس»- وتعنى حرفياً؛ نفَس أو نسمة الله. فالكتاب المقدس هو إذاً أنفاس الله أرسلها إلى أواني الوحي. قديماً نفخ الله في أنف الإنسان نسمة حياة « فصار آدم نفساً حية » (تك 2: 7)، أما الكتاب المقدس فهو ذات أنفاس الله، وهو لذلك كتاب يهب الحياة الروحية، كقول الـرب له المجد للتلاميذ « الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة » وكرد بطرس عليه « يارب إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك » (يو 6 : 63، 68).
عرف "وبستر" الوحي كالآتي: "هو تأثير روح الله الفائق للطبيعة على الفكر البشرى، به تأهل الأنبياء والرسل والكتبة المقدسون لأن يقدموا الحق الإلهي بدون أى مزيج من الخطأ". ويوضح الرسول بطرس أن الأنبياء، أواني الوحي، أثناء كتاباتهم المقدسة كانوا تحت تأثير سلطان الروح القدس فيما كتبوا، ليس فقط مسترشدين به، بل أيضاً مسوقين منه (2بط 1: 21). علق على هذا وليم كلي بأن الله استخدم أناس الله كالعربات لتحمل إلينا قصده من إعطاء كلمته. فوظّف عقولهم وقلوبهم، لغتهم وأسلوبهم، لكنه أوصل إلينا بها حكمته في إتمام قصده بصورة تسمو فوق الأداة المستخدمة، وبمعزل تام عن أدنى خطأ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق