الرجاء في الأزمنة الصعبة
«وَكَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ» (أع27: 29)
«مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (يه21)
«مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ» (يه21)
يا له من ليل يشتد ظلامًا! ليل رفض ربنا يسوع المسيح من العالم، وليل غيابه عنا .. الزمان صعب .. الإثم يتزايد .. كلمة الله مرفوضة .. ابن الله يُهان حتى وسط المسيحية الاسمية .. مبادئ الارتداد تزداد قوة وتأثيرًا .. العالم يُكمل مكيال إثمه لوقوع دينونة الله عليه .. وهوذا «عَلَى
نعم، إن الظلمة القصوى تزحف علينا .. الليل يسوَّد ويشتد سواده .. والذين يقولون أن العالم يتحسن وسيعُم الرخاء والسلام عما قريب، ليس لهم بصيرة روحية، ولا هم مدركون لنبوات الكتاب المقدس، ولا لظروف العالم الحالية.
إن كل شيء مُظلم حتى فيما يختص بالمسيحية المعترفة اليوم .. إن ظلمة التعليم الشرير والارتداد والخراب الأدبي تزداد. والكتابات النبوية تُكلّمنا عن مشهد الظلمة والشرّ في الأيام الأخيرة للمسيحية (اقرأ 2تس2؛ 2تي3؛ 2بط2, 3؛ رسالة يهوذا)، وجميعها تصف أيام الظلمة هذه مع ازدياد الشر، وأحوال بلا أمل في إصلاح أو شفاء.
ففي رسالة تيموثاوس الثانية نجد الخراب يدب في المسيحية، وأما عودة الكنيسة إلى جمالها وإلى قوتها الأولى وترتيبها، فلا توجد إشارة إلى ذلك.
والرسول بطرس، في رسالته الثانية، يكتب عن نفس هذه الأيام، ويذكر فسادًا يستشري في العالم، وبدع هلاك وتجديفًا على الحق، وفجورًا عتيدًا أن يكون، وميلاً إلى النجاسة، ولكنه لا يُشير إلى قوة تعود للكنيسة كمجموع.
نعم – أيها الأحباء – إننا لا ننتظر تحسنًا في الظروف والأحوال. والأيام المقبلة لن تكون أفضل من الماضية. بل إن الكتاب يُخبرنا أن الشرّ سيزداد «إِلَى
ويهوذا أيضًا يكتب عن أيام الانحطاط والارتداد، وعن خراب المسيحية الاسمية، ولكنه لا يتكلم شيئًا عن استرداد القوة الروحية للكنيسة أو استرجاع جمال الترتيب الإلهي فيها بصفة عامة. ولكن بعد أن تحدَّث عن الارتداد المُريع والشر، فإن يهوذا يتحول إلى المؤمنين «الأَحِبَّاء»، ويُحرّضهم أن يفعلوا أربعة أمور؛ هذه هي الأربعة الأشياء الضرورية في يوم الشر (يه20, 21):
فأول كل شيء:
ثم يقول:
وثالثًا:
ورابعًا: فإننا نُحرَّض لكي نكون
ويرى البعض في تحريضات يهوذا الأربعة (يه20, 21)، تصويرًا بديعًا للمراسي الأربع التي نقرأ عنها في رحلة الرسول بولس إلى روما (أع27)، والتي تمثل لنا رحلة الكنيسة المعترفة، من بدايتها المجيدة إلى أيامها الأخيرة. فما قد ابتدأ في العصر الرسولي في حالة إشراق وضياء، سينتهي به الحال إلى الخراب.
فالسفينة في أعمال 27 تُمثل المسيحية كإناء للشهادة للحق. ويا للأسف، لقد جاء وقت فُرِّغت فيه السفينة من
كما جاء الوقت الذي ما عادت إنذارات الرسول بولس أن تلقى آذانًا صاغية. فالحق الإلهي، الذي يُمثله الرسول بولس، لم يعد يُطاع في السفينة (ع11). وكلمة الله متى أُغفل أمرها فلا بد أن تسوء الأمور. ولقد أتى وقت كان فيه كل شيء مظلمًا وبلا أمل «وَإِذْ
واحتجاب السماء عن ركاب السفينة يُشير إلى أن الدعوة السماوية قد غابت عن الكنيسة، وفقدت المسيحية طابعها السماوي، فما عاد هناك رجاء للسفينة؛ إنه مقضي عليها بالدمار. إن السفينة ستنكسر – كما قال بولس – ولكن لن تكون هناك خسارة نَفْسٍ
نعم، ستتكسر السفينة، وستغوص كل القطع ولن تطفو ثانية، لكن كلمة الله تعلن أن كل مؤمن في المسيح يسوع له حياة أبدية، ولن يهلك إلى الأبد (يو10: 27, 28)؛ الجميع سينجو إلى
لاحظ أنه في أعمال27: 29 رموا أربع مراس «وَكَانُوا
فعلينا – أيها الأحباء – أن لا نتخلى عن المراسي. إن دائرة الاعتراف المسيحي قد نزعت عنها هذه المراسي الواردة في يهوذا20, 21 ولم يعودوا يؤمنون بالكتاب المقدس أنه كلمة الله المعصومة والمُوحى بها. كما تحولوا عن الإيمان الأقدس، وتخلّوا عن الصلاة، ومحبة الله غير معروفة، ولم يعودوا يؤمنون أو يتطلعون إلى رجاء مجيء الرب، لذلك سرعان ما ستتكسر السفينة، والله سيرفضها نهائيًا.
ولكم نحتاج – أيها الأحباء – كمؤمنين وقعت قرعتنا في هذه الأيام الصعية أن ننتبه إلى مدلول تلك المراسي الأربع وأن نهتم بها. ومع أن كل شيء يبدو حولنا مظلمًا بلا أمل ، ومع أننا نُقرّ بعجزنا وضعفنا وفشلنا، لكننا ننتظر بزوغ فجر ذلك اليوم الذي تنتهي فيه كل مسبببات الحزن، وتستقيم كل الأمور. إن مجيء الرب وبزوغ كوكب الصبح المنير، هو شوق قلوبنا وتطلع أرواحنا، وهو الغرض الذي نطلبه ونبتغيه (قارن عب11: 14, 16).
أيها الأحباء ... ما أحرانا أن نرقب مجيئه عالمين أن خلاصنا الآن أقرب مما كان حين آمنا. «قَدْ
«آمِينَ
فايز فؤاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق